قطعا ثمة اجترار غريب في تداول المعرفة اليوم، ويمكن لأي متطلع أن يكشف ذلك بمجرد ما يقوم بمراجعة النّصوص الأكاديمية التي تناولت موضوعاً مهماً كموضوع ما بعد الحداثة، ليست الأهمية التي ينشدها المصطلح في كونه ما يمثل الجدة أو الآن أو الواقع الرّاهن، إذ في ذلك ثمة آراء مغايرة، ترتبط بالواقع الفعلي ذاته، وإنما في كونه مرتبطاً بنا، ومرتبطاً بثقافتنا الرّاهنة كذلك، تلك التي قدر لها أن تكون كونية ومتجاوزة للكثير من المعطيات والمقولات الفلسفية أو العلمية، وليس من المناسب أن يكون ما يمثل وجودنا وواقعنا عبارة عن اجترارات وتكرارات يستلبها الآخر عن الآخر، فما
لقد وضعت وفي أكثر من مرة تساؤلا يشد الذات إلى ذاتها، تماما كما يفعل أي منا وهو يحاور نفسه أمام المرآة، (هو يسأل وهو يجيب)، إنها اختلاجات الذات في سرانية الجلسة، أو لنقل عنها بأنها حضور صادق بين الذات وتمثيلها الخارجي وبين الذات وتعلقها الداخلي للبحث عن إجابات فاعلة للكثير من الإشكاليات المفاهيمية. وهنا يحدد السؤال: ترى ماذا يعني (المقدس)، وماذا يعني (المدنس)؟ . ضل السؤال مطروحا على طاولة الحضور بين الذات وبينها : داخليا وخارجيا، كلما كانت هناك فرصة لمواجهة كل منهما معكوسا على المرآة.
لاشك بان هذا المدخل غرائبي وغير واقعي، ولاشك
ينتمي العمل مفاهيميا الى الفكر المثالي مما يعين الفنان على ولوج مسار تخيلي ثري بالتصورات التي تنضج وتتنوع وتؤسس مقاربات فكرية مجاورة, وامام جدلية الصورة بين الفكر المثالي واسلوب الفنان الحداثوي تتاسس ملامح صورة ذهنية تقصي الحسي لصالح الحدسي والظاهري لصالح الجوهري والمتحول لصالح الثابت, فتتحد الصورة بالعنصر العقلي وتنزاح من ايقونيتها نحو افاق رمزية اوسع ويغدو الكشف عنها مغامرة اركيولوجية تتوخى الطبقات العميقة للدلالة.
هذا الوعي التحليلي عمقا في الفكر والتركيبي عمقا في المادة يحيلنا للارث السايكوثقافي للفنان