النظام الإحالي، أو إحالات المعرفة.

لا أدري لم يتوقف الناس حين تضوي إشارة المرور باللون الأحمر؟ فما علاقة الأحمر بالتوقف؟ هذا الجزء المادي المحسوس(الدائرة الحمراء) في إشارة المرور، تحيلنا جميعا لفكرة ذهنية تعاقدنا جميعا للإتفاق على مضمونها، حتى أصبحت الإحالة البصرية ثقافة كونية، ففي كل العالم إشارة المرور الحمراء توجب التوقف.
النظام الإحالي أو إحالات المعرفة مقال للدكتور أحمد جمعة البهادلي

النظام الإحالي، أو إحالات المعرفة.

لا أدري لم يتوقف الناس حين تضوي إشارة المرور باللون الأحمر؟
فما علاقة الأحمر بالتوقف؟

هذا الجزء المادي المحسوس(الدائرة الحمراء) في إشارة المرور، تحيلنا جميعا لفكرة ذهنية تعاقدنا جميعا للإتفاق على مضمونها، حتى أصبحت الإحالة البصرية ثقافة كونية، ففي كل العالم إشارة المرور الحمراء توجب التوقف.

شيء مادي محسوس يحيلنا إلى فكرة ذهنية مجردة، إلى تصور عقلي مستشف، وهكذا كلما نظرت إلى الصليب في بنيته الرمزية البصرية المتقشفة، يحيلني ذهني لنبي الله عيسى عليه السلام، فهذا الرمز يستبطن الكثير مما يتعلق بهذا النبي العاشق ورحلته العظيمة في نشر الرحمة الإلهية.

وما من شكل على الإطلاق إلا وله هذه الخاصية في نظام المعرفة الإحالية.
فالدال والمدلول
والإشارة والمؤشر
والعلامة والمُعَلَّم
الرمز والمرموز

فإن طرفا ما مادي فيها يحيلنا إلى طرف أخر ذهني، بعضها لا يحتاج إلى تكلف وإمعان نظر، وبعضها يحتاج إلى فحص وتقص وتفكير، وبما أن الموجودات في أصل وجودها أمتنعت إلا أن تكون بصور، فإن الصورة هنا كالمحدد المعرفي لفهم هذا الوجود بما فيه من أنواع وأجناس مختلفة والصورة بهذا المعنى هي من تكشف عن الاشياء، وهي التي تميزها عن بعضها البعض.

كلما قرأت لفظاً، أي لفظ، مثل جبل أو أسد أو ذهب أو فضة وغير ذلك، شعرت بإحالة غريبة يستبطن فيها اللفظ صورة الأشياء، فاللفظ بما هو لفظ كاشف عن صورة ما، إنه إختزال لوجود الأشياء في نسق لفظي، وكما يفعل الفنان حين يصور جبلا من فضة في مشهد جمالي، للإحالة لمضمون ما، فإن الشاعر يستخدم الألفاظ لتكوين ذات المشهد وبذات القصد الجمالي.

بل ولعلي أجزم بأن الرياضيات والكيمياء والهندسة وهكذا باقي ألفاظ العلوم، تسعى لتصوير الموجودات لكن بأنساق مختلفة، فالمعرفة نظام يحاول تمثيل الأشياء والإحالة إليها عبر وسائط من الدلالات والاشارات والعلامات والرموز، وجميعها لا تنفك بأي شكل من الأشكال عن الصورة، سواء كانت حسية خارجية أو ذهنية مجردة.

منطق الصورة أول منطق نتعلمه في هذه الحياة، وسحر الصورة هو الذي أسس لكل هذه الأنظمة الإحالية المعرفية، لذلك أدعوكم أحبتي للتفكير بالصورة لا على أساس ترفي أو هامشي ملحق بالفن كما يحاول البعض قاصدا تقليل مساحة الفنان المعرفية إزاء مساحة الطبيب والمهندس وغيرهم، بل على أساس أنها تمثل الركيزة الحقيقية التي كونت كل المعارف بلا استثناء.

فالنظام الإحالي، أو إحالات المعرفة، وببساطة أقولها لكم: ما كانت لتكون لولا جهود الإنسانية بالفن وبالصورة.

Loading

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

https://totoagungone.com/ https://motivasiagung.com/ https://totoagung2dua.com/ https://antartidargentina.com/ https://taichinhhieuqua.com/ https://whalebonestudios.com/ https://167.71.213.43/ https://167.71.204.61/ https://amin-toto.com/ https://cadizguru.com/ https://157.245.54.109/ https://128.199.163.73/ https://restoslot4dresmi.com/ https://hokkaido-project.com/ https://slotgacor4djp.com/ https://akb48nensensou.net/ https://bigprofitbuzz.com/